الاستدلال وأثره في توجيه التفكير النحوي والبلاغي
Résumé
تنطلق النظريات المعاصرة في التواصل اللساني من مبدأ معرفة كيف تتم عملية التواصل أكثر من معرفة ما يتم إيصاله ما يعني أنها تبحث في الآليات و التقنيات التي يتم بها تواصل الأفراد و صياغة الأقوال و تركيبها ، فهي إذن تهتم بكيفية اشتغال الذهن البشري في ترتيبه للأفكار و التعبير عنها .
ولا يمكن لأحد أن يشكك في أن التداولية هي المعرفة العميقة بمكونات عملية التخاطب و هي العالم المعرفي الذي يجمع بين عالمين العالم الواقعي أو الحقيقي و عالم اللغة لأنها تعمل على التجسيد المعرفي للعالم الواقعي، ولأن اللغة الطبيعية لا تستطيع تجسيد و ترميز جميع الأفكار و العالم الخارجي فهي في أغلب الأحيان تلجأ إلى الاستدلال و الاستنتاج و استحضار السياق انطلاقا من الأقوال لتفكيك شفرات الترميز للوصول إلى الفهم الصحيح للأشياء و الأفكار، فالذهن البشري يشتغل بآليتين تكمل الواحدة منهما ال
أخرى فالأولى تقوم بفك الترميز و الثانية تقوم على الاستدلال؛ لأن عملية التواصل الإنساني ترتكز على هاتين الثنائيتين أي استخدام السنن ثم اللجوء إلى الاستدلال و هو كلمة تشمل وجهين أساسيين : أما الوجه الأول فيـشير إلى عمل الـعقل و بالتالي قيل إنه نشاط العقل الذي ينتقل وفقا لمبادئ معينة من حكم إلى آخر للوصول إلى نتيجة، أما الوجه الثاني فيشير إلى عبارات العقل القولية و بالتالي هو سلسلة مرتبة من الحدود تنتهي بنتيجة 2، وهذا المفهوم يبين صورة الاستدلال في اللغة .
و يرى "روبير بلانشي" أن هذين الأمرين متمايزان ؛ ذلك أنه عمـلية انـتقال من الكلام النفساني إلى الكلام اللساني [i]؛ مما يعني أن صورة الاستدلال عملية انتقال من نظـام العقل إلـى نظام الخطاب وهذا الأمر يبين العلاقة بين الاستدلال و اللغة؛ حيث لا يمكن أن نحلل العمليات الاستدلالية الذهنية إلا في شكلها وصورتها المنطوقة أو المكتوبة.
ونظرا لأهميته لجأت التداوليات المعرفية إلى هذه الآلية التي تسهم في الوصول إلى فهم التضمينات و المعاني الخفية الأخرى . فالتواصل إذن حسب المقاربة الاستدلالية يحدث بواسطة مؤشرات يقدمها القائل حتى يستطيع المستمع الاستدلال بها على مقاصد الأول انطلاقا من المقدمات التي تجعل العملية الاستدلالية تتسع لتشمل كل الإمكانيات التي يوفرها القول بدلالة كلماته و تركيبها وإيحاءاتها وما تثيره من رغبات و توقعات[ii].
و الاستدلال آلية تشتغل بها مختلف العلوم لإنتاج معارفها؛ في المنطق واللغة و الخطابات العادية وفي اللغات الصورية التي توظفها الرياضيات و الفيزياء، في التعليم و التواصل لأنها
تعتمد على العمليات الاستدلالية للحصول على معارف جديدة ونتائج دقيقة ، ونظرا لتعدد المجلات التي تتوسل بالعمليات الاستدلالية تعددت مفاهيمها وتنوعت؛ فلم نجد بدّا من أن نصنّفها وفقا لهذه المجالات:
المفهوم المنطقي للاستدلال.
المفهوم التداولي والحجاجي للاستدلال.
ال[i]روبير بلانشي: الاستدلال، ترجمة :محمود اليعقوبي ،دار الكتاب الحديث ، الجزائر ، (دط) ،(دت)،ص 3.
[ii] المرجع نفسه ،43
Références
المرجع نفسه ،43
ينظر، حسن بشير صالح: علاقة المنطق باللغة عند فلاسفة المسلمين، دار الوفاء، الإسكندرية، ط/1،2000م،
ص 44
ينظر، ابن خلدون، المقدمة، ص 474
طه عبد الرحمن: اللسان أو الميزان أو التكوثر العقلي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، ط/1، 1998م،
ص 86.
محمود يعقوبي: دروس المنطق الصوري، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون، الجزائر، ط/1، 1999م،ص 65
ينظر، المرجع نفسه، ص 4
ينظر، طه عبد الرحمن: اللسان و الميزان، ص 86
المرجع نفسه، ص 87
محمد مرسلي: منطق المحمولات، دار توبقال، الدار البيضاء، المغرب، ط/1، 2004م، ص 10
الكسندرا غيتما نوفا: علم المنطق، دار التقدم، موسكو، 1989م، ص 176
ينظر، اللسان والميزان أو التكوثر العقلي، ص 88
الشريف الجرجاني: التعريفات، دار الفكر، بيروت، لبنان، ط/1، 1425هـ-1426، 2005م، ص 76
الغزالي: إحياء علوم الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط/1، 1423 هـ-2002م، مج/1، ص 39
آن روبول، جاك موشلار: التداولية اليوم علم جديد في التواصل، تر: سيف الدين دغفوس، محمد الشيباني، دار
الطليعة، بيروت، لبنان، ط/1، 2003 م، ص 62
ينظر، طه عبد الرحمن: في أصول الحوار وتجديد علم الكلام، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء،المغرب،بيروت
لبنان، ط/2، 2006م، ص36
ينظر، طائع الحداوي: سيميائيات التأويل (الإنتاج ومنطق الدلائل)، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب،
بيروت، لبنان، ط/1، 2006م، ص 157
ينظر، محمود يعقوبي: دروس المنطق الصوري، ص 114
المرجع نفسه، ص 123
ينظر، ماهر عبد القادر محمد: المنطق ومناهج البحث، دار النهضة العربية، بيروت، لبنان،( دط)، 1405هـ-1985م،
ص ( 77، 78، 79)
ينظر، محمود يعقوبي: دروس المنطق الصوري، 115.
ينظر، الكسندرا غيتما نوفا: علم المنطق، ص 174
ينظر، محمود يعقوبي: دروس المنطق الصوري، 117
ينظر،، محمود يعقوبي: دروس المنطق الصوري ، ص 118
ينظر، حسان الباهي، اللغة و المنطق (بحث في المفارقات)، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، دار الأمان،
الرباط، ط/1، 2000م، ص 138
ينظر، حسان الباهي: الحوار ومنهجية التفكير النقدي ، إفريقيا الشرق، المغرب، 2004م، ص 72
ينظر، حسان الباهي: اللغة و المنطق، ص (140، 141).
ينظر، بناصر البعزاتي الاستدلال والبناء ( بحث في الخصائص العقلية العلمية)،دار الأمان،الرباط،المركز
الثقافي،،الدار البيضاء ،المملكة المغربية ،ط/1، 1999م،ص81
بنظر حسان الباهي:الحوار و منهجية التفكير النقدي،ص72
ينظر،محمد سالم محمد الأمين الطلبة، الحجاج في البلاغة المعاصرة (بحث في بلاغة النقد المعاصر)، دار الكتاب
الجديدة المتحدة، بيروت، لبنان، ط/1،2008م، ص 176
ينظر، حسان الباهي :اللغة والمنطق،72
ينظر، طه عبد الرحمن: في أصول الحوار وتجديد علم الكلام، ص 99.
ينظر، حسان الباهي: الحوار ومنهجية التفكير النقدي، ص 72
ينظر، حسان الباهي: الحوار ومنهجية التفكير النقدي ، ص 97
ينظر، المرجع نفسه، ص 73
ينظر الأزهري ريحاني: النحو العربي و المنطق الأرسطي( دراسة حفرية تداولية)، اتحاد الكتاب الجزائريين،
الجزائر، (د ط)، 2005 م، ص 101.
ينظر، آن روبول، جاك موشلار: التداولية اليوم علم جديد في التواصل، ص 62
ينظر، فيليب بلانشيه: التداولية من أوستين إلى غوفمان، تر: صابر حباشة، دار الحوار، سورية، ط/1، 2007م،
ص144
ينظر، صلاح إسماعيل: نظرية المعنى في فلسفة بول جرايس، الدار المصرية السعودية، القاهرة، (دط)، 2005م،
ص87
ينظر طه عبد الرحمن: في أصول الحوار وتجديد علم الكلام، ص104،
ينظر، فليب بلانشيه: التداولية من أوستين إلى غوفمان،ص153
ينظر، آن روبول ،جاك موشلار :التداولية اليوم علم جديد للتواصل،ص64
ينظر، آن روبول ،جاك موشلار :التداولية اليوم علم جديد للتواصل ،ص63
ينظر ،روبير مارتان:مدخل لفهم اللسانيات(ايبستيمولوجيا أولية لمجال علمي )،تر:عبد القادر المهيري ، مراجعة :
الطيب البكوش ،مركز دراسات الوحدة العربية،بيروتلبنان،ط/1،(دت)، ص 53
أبوبكر العزاوي: "سلطة الكلام وقوة الكلمات"، المناهل، العدد 63،62، 2001م، منشورات وزارة الثقافة المغربية،
ص142
جرير: الديوان، دار بيروت للطباعة والنشر، بيروت، (دط)، 1406 هـ-1986م،ص 63.
ينظر، أبوبكر العزاوي:سلطة الكلام وقوة الكلمات، ص 243
عبد الهادي بن ظافر الشهري: استراتيجيات الخطاب (مقاربة لغوية تداولية)، دار الكتاب الجديدة المتحدة، بيروت،
لبنان ، ط/1، 2004م، ، ص 444
ينظر، حسان الباهي: الحوار ومنهجية التفكير النقدي، ص 51
ينظر، حبيب اعراب:" الحجاج و الاستدلال الحجاجي"، عالم الفكر، العدد1، المجلد 30، 2001م،الكتاب، الكويت،
ص 97
ينظر، حسان الباهي: الحوار ومنهجية التفكير النقدي، ص 102
ينظر ، روبير بلانشي، الاستدلال ، ص 61
ينظر ، المرجع نفسه،ص 64
ينظر ، المرجع نفسه،ص 64
ينظر، ابن جني: الخصائص، المكتبة التوفيقية، تح:عبد الحكيم بن محمد، ج/1، ص 17
لمع الأدلة في أصول النحو،ص80.نقلا عن محمد سالم صالح: أصول النحو (دراسة في فكر الأنباري)، دار السلام، القاهرة، ط/1، 1427هـ -2006م، ص147
محمد سالم صالح: أصول النحو (دراسة في فكر الأنبا ري) ،ص 147
لمرجع نفسه، ص400.
ابن الأنباري: أسرار العربية، ص 273
ينظر، محمد سالم صالح: أصول النحو، ص 130
ينظر، المرجع نفسه، ص 128.
ينظر، شكري المبخوت: الاستدلال البلاغي، دار المعرفة، تونس، (دط)،(دت)، ص25
نظر، الجرجاني: دلائل الإعجاز في علم المعاني، تعليق محمد رشيد رضا، دار المعرفة، بيروت، لبنان، ط/2، (دت)، ص 126
ينظر، المصدر نفسه، ص 132
شكري المبخوت: الاستدلال البلاغي، ص 25
أبو هلال العسكري: الفروق، تقديم وضبط أحمد سليم الحمصي، جروس برس، طرابلس، لبنان، ط/1، 1415هـ-1994مص 79.
لدلائل، ص 177
المصدر نفسه ،ص ن