تنظيم القضــــــاء الإداري في تـــــــونس
Résumé
يشكل تنظيم القضاء مسالة تكاد تكون عنوان إصلاح بالنسبة إلى الدولة كلها ذلك أن الدول لا تستقيم وتعمر إلا برفع المظالم. فإرساء قضاء مختص بالنزاعات الإدارية ليس من الأمور العسيرة إذ أن تجزأ القضاء إلى فروع مستقلة وغير متوازنة يفقده وحدته، بساطته وتناسقه.
يعد تنظيم القضاء الإداري، أي تحديد الهياكل القضائية المختصة، توزيعها جغرافيا، تحديد إختصاصاتها المادية والترابية، تحديد نظام القضاة والإجراءات المتبعة أمام المحاكم، من مشاغل المشرع والمتقاضي ودعامة لما يسمى "بدولة القانون" وهي دولة ضمان الحقوق المشروعة.
غالبا ما تكون مقاضاة الإدارة مسندة لهياكل قضائية عدلية متخصّصة أو لجهاز إداري مع تطبيق قواعد إجرائية أو قواعد موضوعية خصوصيّة بهذه النّزاعات أو تمزج بين القواعد العامّة وهذه القواعد الخصوصيّة. وتهدف هذه الرقابة القضائية إلى البت في النزاعات بين الإدارة من جهة والغير فيما يعرف بقضاء الإلغاء أو بقضاء التعويض، النزاعات الانتخابية والجبائية وغيرها.
أثناء فترة الحماية لم يقع تبني مطلق للأنموذج الفرنسي لتنظيم القضاء الإداري واعتمادا على الأمر المؤرخ في 27 نوفمبر1888 المتعلق بالخصام الإداري. هذا الأمر المؤسس للقضاء الإداري في تونس اسند الاختصاص في مادة النزاعات للإدارية للقاضي العدلي ولم يقع بموجبه إنشاء هيكل قضاء إداري مثلما هو الحال في فرنسا. وتبعا لذلك لم يقع تعميق ثقافة التقاضي لدى منظوري الإدارة أو حتى مقاضاة هذه الأخيرة إذ وقع تهميش مؤسسة القضاء الإداري حتى لا يكون لها تأثير كبير على أعمال الإدارة. وتعدّ مراقبة أعمال الإدارة بما تتضمّنه من إخضاع للرقابة القضائية - حسب الاعتقاد الذي كان سائدا - تنكّرا لفكرة عدم تقييد صاحب السيادة التي كان يعتقد أنها مطلقة وغير محدّدة.