‏ الأبنية الاسمية في اللغة العربية ‏ دراسة تطبيقية في شعر يوسف وغليسي

  • فوزية دندوقة جامعة محمد خيضر بسكرة

Résumé

اعتد القدماء في تعريفهم للجملة الاسمية بصدرها، فهي التي تبتدئ باسم، ولكن بعض الدارسين يشترط خلوها من الفعل تماما، ولا نكاد نعثر في اللغات الهندية والإيرانية والغربية على مثل هذه الجملة، لأنها تستخدم دائما فعلا رابطا بين جزئي الجملة المشابهة للجملة الاسمية السامية، وبدون هذا الفعل- في هذه اللغات- لا يمكن تشكيل جملة صحيحة إسناديا[i]، فاللغة الفرنسية مثلا لاسبيل لها في تشكيل جملة اسمية دون استخدام فعل الكينونة (le verbe être) ومثيلتها في ذلك اللغة الإنجليزية التي لا بد لها من  الفعل ( to be) وهو يترجم في العربية إلى جملة اسمية في نحو: (le crayon est rouge ) و(the pen is red )، فنقول: القلم أحمر، والترجمة الحرفية لذلك هي: القلم يكون أحمرَ، فعلاقة الإسناد في العربية لا تحتاج إلى لفظ بعينه يدل عليها، لأنها علاقة معنوية تقوم بين المبتدأ والخبر، في حين أن غيرها من اللغات تحتاج إلى ألفاظ خاصة تبين هذه العلاقة.

         وبما أن الجملة الاسمية هي المبدوءة باسم فإننا نفرق بينها وبين الفعلية بالمبتدأ، فإن تصدر الجملة اسم ليس مسندا إليه بقيت الجملة فعلية، فقولنا: (اليوم عاد المسافر)، أو(عليا أكرم محمد) لا يعني أن الجملة قد تحولت من الفعلية إلى الاسمية لأن الاسم الذي تقدم على الفعل ليس ركنا إسناديا، أما قولنا: المسافر عاد اليوم، ومحمد أكرم عليا، فينقلها إلى الاسمية باعتبار الاسم الذي تصدرها(مبتدأ).

والأصل في المبتدأ أن يكون معرفة وفي الخبر أن يكون نكرة، لأنك إذا قدمت حكما مألوفا ومعلوما لدى المخاطب لن تجد فائدة في إعادة إبلاغه له، اللهم إلا إذا كان على سبيل التذكير، والأمر نفسه بالنسبة للمبتدأ فهو في جملته محكوم عليه، ولابد أن يكون المحكوم عليه معروفا، فإن لم يكن كذلك فما فائدة المخاطب أو السامع في معرفة الحكم، فالغرض من الإخبار إفادة المخاطب ما ليس عنده، وتنزيله منزلتك في علمك بذاك الخبر، والإخبار عن النكرة لا فائدة فيه، فإن قلت : رجل قائم أو عالم أو مريض... وما إلى ذلك من الأخبار، لم يكن في كلامك ما يفيد السامع، لأنه ليس من الغريب، وليس بالجديد أن يكون هنـاك رجل قائم أو عالم أو مريض في هذا الوجود ممن لا يعرفهم المخاطب، وليس هذا ما ينتظر السامع أن يسمعه، ولا أن تنزله منزلتك في العلم به، فإذا اجتمع في الكلام معرفة ونكرة، كانت المعرفة مبتدأ والنكرة خبرا، لأنك إذا ابتدأت بالاسم الذي يعرفه المخاطب كما تعرفه أنت فإنما ينتظر الذي لا يعلمه، فإذا قلت (قائم) أو(حكيم)، فقد أعلمته بمثل ما تعلم مما لم يكن يعلم، وإذا قدمت وقلت( قائم زيد) فقد قدمت نكرة لا يعرفها المخاطب، ولا فائدة له بتقديمها. والحقيقة أن المعرفة والنكرة إنما تقاس بالنسبة للمخاطب، فما كان معروفا عنده فهو معرفة، وما كان منكورا فهو نكرة، لذلك تجد النحاة يجوزون الابتداء بالنكرة في مواضع حصول الفائدة[ii]، وذلك ما عول عليه المتقدمون، فمتى حصلت جاز لك أن تبتدئ بالنكرة، بينما راح المتأخرون يعدون هذه المواضع ويحصونها لأن معرفتها غير متسنية للجميع، فتتبعوها بين مكثر ومقل[iii].

         وسنتناول فيما يلي الأنماط المختلفة للجملة الاسمية في شعر يوسف وغليسي، وهي ثلاثة: نمط (المبتدأ + الخبر) الذي يشمل صورا ثلاثا أيضا، وهي الصورة التي يكون خبرها مفردا أو جملة أو شبه جملة، ولكل صورة أشكال محولة عنها بالحذف  أو الزيادة، أو التقديم والتأخير. ونمط الجملة المسبوقة بكان أو إحدى أخواتها، والنمط الأخير هو نمط الجملة المسبوقة بإن أو إحدى أخواتها، ولكل نمط منهما صوره المختلفة أيضا.

[i]- أحمد محمد قدور، مبادئ اللسانيات، دار الفكر دمشق، ط1، 1996، ص 222

[ii]- ابن يعيش، شرح المفصل، عالم الكتب، بيروت ( د.ت)، 1/85، 86، ينظر ابن مالك، التسهيل، دار الكاتب العربي القاهرة، 1967، ص 142.

[iii]- ابن هشام، المغني، تحقيق محمـد محي الدين عبد الحميد،  المكتبة العصرية، بيروت، ط1، 1999 ، 2/539، ينظر شوقي ضيف، تجديد النحو، دار المعارف، القاهرة ( د.ت)، ص 137، 138.

Références

أحمد محمد قدور، مبادئ اللسانيات، دار الفكر دمشق، ط1، 1996، ص 222 ‏
‏- ابن يعيش، شرح المفصل، عالم الكتب، بيروت ( د.ت)، 1/85، 86، ينظر ابن مالك، ‏التسهيل، دار الكاتب العربي القاهرة، 1967، ص 142. ‏
‏- ابن هشام، المغني، تحقيق محمـد محي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، بيروت، ‏ط1، 1999 ، 2/539، ينظر شوقي ضيف، تجديد النحو، دار المعارف، القاهرة ( د.ت)، ‏ص 137، 138. ‏
‏- يوسف وغليسي، تغريبة جعفر الطيار، اتحاد الكتاب الجزائريين، الجزائر، 2000، ص ‏‏61. ‏
‏- محمد حماسة عبد اللطيف، في بناء الجملة العربية، دار القلم الكويت، ط1، 1982، ص ‏‏141، 142. ‏
‏- صالح السامرائي، الجملة العربية والمعنى، دار ابن حزم بيروت، ط1، 2000، ص ‏‏143. ‏
‏- يوسف وغليسي، أوجاع صفصافة في مواسم الإعصار، دار إبداع الجزائر، ط1، ‏‏1995، ص51.‏

‏- يوسف وغليسي، أوجاع صفصافة، ص 70. ‏
‏- إبراهيم أنيس، أسرار اللغة، مكتبة الانجلوالمصرية، ط 3، 1966، ص 275. ‏
‏- يوسف وغليسي، أوجاع صفصافة، ص 55 ‏
‏- الرضي، شرح الكافية، دار الكتب العلمية، بيروت، 1995، 1/109 ‏
‏- يوسف وغليسي، أوجاع صفصافة، ص 55، 56. ‏
‏- م ن/ ص 32. ‏
‏- يوسف وغليسي، أوجاع صفصافة، ص 46. ‏
‏- م ن / ص 32 ‏
‏- الرضي، شرح الكافية، 1/307. ‏
‏- يوسف وغليسي، أوجاع صفصافة، ص 22. ‏
‏- يوسف وغليسي، تغريبة جعفر الطيار، ص 60. ‏
‏- يوسف وغليسي، أوجاع صفصافة، ص 17. ‏
‏- م ن/ ص 55. ‏
‏- م ن / ص 62 ‏
‏- م.ن / 66 ‏
‏- م ن / ص 55. ‏
‏- عبده الراجحي، التطبيق النحوي، دار المعرفة الجامعية، 1998،ص 32. ‏
‏- يوسف وغليسي، أوجاع صفصافة، ص 108. ‏
‏- يوسف وغليسي، تغريبة جعفر الطيار، ص 69. ‏
‏- يوسف وغليسي، أوجاع صفصافة، ص 45. ‏
‏- صالح السامرائي، دار الفكر، ط1، 2000،معاني النحو1/150، وينظر خليل أحمد ‏عمايرة، في نحواللغة وتراكيبها، عالم المعرفة، جدة، ط1، 1984، ص 90. ‏
‏- الأنباري، الإنصاف في مسائل الخلاف، المكتبة العصرية، بيروت، 1997، 1/44. ‏
‏- محمد عبد المطلب، البلاغة والأسلوبية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1984، ص ‏‏252. ‏
‏- يوسف وغليسي، تغريبة جعفر الطيار، ص 62. ‏
‏- م ن/ ص 66. ‏
‏- م.ن/،ص 70 ‏
‏- م ن/ ص39 ‏
‏- مهدي المخزومي، في النحو العربي نقد وتوجيه، دار الرائد العربي، بيروت، ط2، ‏‏1986، ص 56. ‏
‏- يوسف وغليسي، أوجاع صفصافة، ص 93. ‏
‏- الزركشي، البرهان في علوم القرآن، دار الفكر، ط3، 1980، 4/311. ‏
‏- يوسف وغليسي، أوجاع صفصافة ص 61، 62. ‏
‏- يوسف وغليسي، تغريبة جعفر الطيار، ص 31. ‏
‏- المخزومي، في النحو العربي قواعد وتطبيق، دار الرائد العربـي، بيروت ط2، 1986، ‏ص 137 و138. ‏
‏- الزركشي، البرهان، ص 396، وينظر ابن هشام، المغني، 1/323. ‏
‏- يوسف وغليسي، تغريبة جعفر الطيار، ص 16. ‏
‏- م.ن/ ص 18. ‏
‏- محمد عبد المطلب، البلاغة والأسلوبية، ص 248. ‏
‏- يوسف وغليسي، أوجاع صفصافة، ص 38. ‏
‏- م.ن/ ص 72. ‏
‏- م ن/ ص94 ‏
‏- ابن هشام، القطر، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، دار الإمام مالك، 1416 هـ، ص ‏‏163، 165. ‏
‏- يوسف وغليسي، أوجاع صفصافة، ص 46. ‏
‏- الرضي، شرح الكافية، 1/110. ‏
‏- سيبويه، الكتاب، تحقيق عبد السلام هارون، دار الجيل بيروت، ط1، ( د.ت)، 2/274 ‏
‏- يوسف وغليسي، أوجاع صفصافة، ص 104. ‏
Comment citer
دندوقة, فوزية. ‏ الأبنية الاسمية في اللغة العربية ‏ دراسة تطبيقية في شعر يوسف وغليسي. مجلة المخبر أبحاث في اللغة والأدب الجزائري, [S.l.], n. 04, avr. 2017. ISSN 1112-6280. Disponible à l'adresse : >https://revues.univ-biskra.dz/index.php/lab/article/view/2053>. Date de consultation : 21 nov. 2024
Rubrique
Articles