وظائف العنوان في شعر مصطفى محمد الغماري ‏

  • عبد القادر ‏ رحيم جامعة محمد خيضر بسكرة

Résumé

يتشكّل النّص الإبداعي الحديث(*) من معادلة لابدّ منها، أوّلها العنوان وآخرها النّص، وحقيقٌ لمن كانت له الصدارة (العنوان) أن يُدرس و يُحَلل، و يُنظر من خلاله إلى النّص، من منطلق أنّ العنوان حمولة مكثّفة للمضامين الأساسية للنّص، وهو وجه النّص مصغرًا على صفحة الغلاف، لذلك كان دائما "يعدّ نظامًا سيميائيًا ذا أبعادٍ دلالية، وأخرى رمزية، تغري الباحث بتتبّع دلالاته، ومحاولة فك شفراته الرامزة"(1) بغية استجلاء المفاهيم النّصية المتراكمة داخل الحيٌز النّصي.

لهذا لم يكن اهتمام السيمياء بالعنوان اعتباطيا، ولا من قبيل الصدفة، بل لكون "العنوان ضرورة كتابية " (2) جعلتْ منه " مصطلحا إجرائياً ناجحًا في مقاربة النّص الأدبي، و مفتاحًا أساسيا يتسلّح به المحلّل للولوج إلى أغوار النّص العميقة قصد استنطاقها وتأويلها"(3) وكذا لكونه أولى عتبات النّص التي لا يجوز تخطّيها، ولا تجاهلها، إن أراد القاريء التماس العلمية في التحليل والدقة في التأويل، فلا شيء كالعنوان "يمدنا بزادٍ ثمين لتفكيك النص ودراسته، وهنا نقول إنّه يقدّم لنا معرفة كبرى لضبط انسجام النّص، وفهم ما غمض منه"(4) حملا على تبعية النّص للعنوان، أو ما أسماه محمد مفتاح بالقمعدة والتي "هي توقعنا ما سيتلو هذا العنوان من جُملٍِ ومن مضمون" (5) والقمعدة تركيب منحوت من كلمتي القمة والقاعدة، وقد يكون الأمر عكس ذلك (القاعمة) لينطلق التأويل من النّص/القاعدة، ويعود إلى العنوان/القمة. 

فتكون بذلك" الدّلالات المتكوّنة في النّص إنّما هي امتداد لتمطيط فكرة ومفردات العنوان"(6)، وعلى هذا فالعنوان أصل والنّص فرع، أو قُلْ فروع دلالية للجملة المركّزة المشحونة(العنوان)، على أنّ احتمال النقيض وارد، وهو مذهب يميل إليه الغذامي في كتابه الخطيئة والتكفير، فيقول "ليست القصيدة هي التي تتولّد من عنوانها، إنّما العنوان هو الذي يتولّد منها، وما من شاعر حق إلاّ ويكون العنوان لديه آخر الحركات" (7)، بيد أنّ الذي نعنيه بأصلية العنوان إنّما هو بالنسبة للقاريء لا للمبدع، فإذا كان العنوان آخر أعمال المبدع، فهو أولى عتبات القاريء، التي يقيس دلالاتها على جميع مضامين النّص، "فهو مفتاح دلالات [النّص] الكلية التي يستخدمها القاريء الناقد مصباحا يضيء به المناطق المعتّمة في القصيدة" (8) التي يُستعصى فهمها إلاّ من خلال العودة إلى العنوان، الذي تطالُ أشعّته "فضاء المتن لاختراق تلك البنية المتماسكة، و تفكيك مستوياتها المتداخلة" (9) فيجلو بذلك ما كان معتما، ويتّضح ما كان غامضا، فيصبح من حقنا منذ هذه اللّحظة أن نطرح مجموعة من الأسئلة المشروعة والتي في مقدمتها: ما العنوان ؟ وما أهميّته في القراءة السيميائية؟ ثم ما هي وظائفها؟

Références

‏ (*)- وهي إشارة إلى افتقار النص الشعري القديم إلى عناوين حقيقية بالمفهوم الحديث، تعلو ‏قصائده، وتسمها. ‏
‏1. بسام قطوس، سيمياء العنوان، ص: 33. ‏
‏2. محمد فكري الجزار، العنوان وسيميوطيقا الاتصال الأدبي، الهيئة المصرية للكتاب، مصر، ‏ط1، 1998، ص:15. ‏
‏3. جميل حمداوي: (السيميوطيقا والعنونة)، مجلة عالم الفكر، وزارة الثقافة، الكويت، العدد ‏‏03، المجلد 25، 1997، ص: 96. ‏
‏4. محمد مفتاح: دينامية النص تنظير وإنجاز، المركز الثقافي العربي، بيروت لبنان، ط2، ‏‏1990، ص: 72. ‏
‏5. المرجع نفسه، ص:60. ‏
‏6. أحمد ناهم: التّناص في شعر الرواد، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، ط 1، 2004، ‏ص: 77. ‏
‏7. عبد الله محمد الغذامي: الخطيئة والتكفير، النادي الأدبي الثقافي، جدة، المملكة العربية ‏السعودية، ط1، 1985، ص:261. ‏
‏8. عدنان حسين قاسم: الاتجاه الأسلوبي البنوي في نقد الشعر العربي،الدار العربية للنشر ‏والتوزيع، مصر، ط1، 2000، ص: 291. ‏
‏9. مشري بن خليفة: سلطة النص، منشورات الاختلاف، الجزائر، ط1، 2000، ص: 07. ‏
‏10‏‎- joesp Besa camprubi:les fonctions du titres, nouveaux actes ‎semiotiques, 82, 2002- pulim, université de liomges, P:05.‎مقدمة كتاب ‏‎ ‎‏ ‏‏ 11‏‎-Leo H.Hock : la marque du titre, dispositifs semiotiques d’une ‎pratique textuelle, Mouton publishers, the hague،‎ paris, New‏ ‏york, ‎‎1981, P: 05.‎‏ ‏
‏12. عبد الله محمد الغذامي، الخطيئة و التكفير، ص :263. ‏
‏13. محمد الهادي المطوي، ( شعرية عنوان الساق على الساق فيما هو الفارياق)، مجلة عالم ‏الفكر، تصدر عن المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب، دولة الكويت، مجلد 28، العدد ‏الأول، سبتمبر 1999، ص: 457. ‏
‏14. بسام قطوس، سيمياء العنوان، ص: 37. ‏
‏15. عبد الحميد هيمة: علامات في الإبداع الجزائري، مديرية الثقافة ولجنة الحفلات، ‏سطيف، الجزائر، ط1، 2000، ص: 64. ‏
‏16. بشرى البستاني: قراءات في الشعر العربي الحديث، دار الكتاب العربي بيروت، لبنان، ‏ط1، 2002، ص:34. ‏
‏17. إبراهيم رماني: أوراق في النقد الأدبي، دار الشهاب، باتنة، ط1 1985، ص: 186. ‏
‏18. الطيب بودربالة: (قراءاة في كتاب سيمياء العنوان للدكتور بسام قطوس)، محاضرات ‏الملتقى الوطني الثاني السيمياء و النص الأدبي، منشورات الجامعة، قسم الأدب العربي بسكرة ‏في:15/16 أفريل 2000، ص:24. ‏
‏19‏‎.Leo H.Hoek : la marque du titre, P:‎‏05‏‎. ‎
‏20‏‎.Gérard Genette, Seuils, edition de Seuil, Paris, 1987, P :180‎‏. ‏
‏21. عبد المالك مرتاض: تحليل الخطاب السردي، معالجة تفكيكية سيميائية مركبة لرواية ‏زقاق المدق، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون، الجزائر، ط1، 1995، ص:277. ‏
‏22. المرجع نفسه، الصفحة نفسها. ‏
‏23. محمد فكري الجزار: العنوان وسيميوطيقا الاتصال الأدبي، ص10. ‏
‏24. محمد فكري الجزار: لسانيات الاختلاف(الخصائص الجمالية لمستويات بناء النص في ‏شعر الحداثة، ايتراك للطباعة والنشر والتوزيع، مصر الجديدة، ط1، 2001، ص218. ‏
‏25. جميل حمداوي: (السيميوطيقا و العنونة)، مجلة عالم الفكر، ص:101. ‏
‏26. المرجع نفسه، ص:100. ‏
‏27- عبد الله محمد الغذامي: تشريح النص، مقاربات تشريحية لنصوص شعرية معاصرة، دار ‏الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، ط1، 1987، ص:110. ‏
‏28‏‎. G.Genette.Seuils, p :95.‎‏ ‏
‏29‏‎.Michel Riffaterre, Sémiotique de la poésie, traduit de l’anglais par ‎jean jacques homos, edition du seuil, mars 1983, paris, P :130. ‎
‏30. هند سعدوني: (قراءة سيميائية لقصيدة "مدينتي")، سلطة النص في ديوان البرزخ و ‏السكين لعبد الله حمادي، منشورات اتحاد الكتّاب الجزائريين، دار هومة، الجزائر، ط1، ‏‏2002، ص:191. ‏
‏31. طه حسين: نقد و إصلاح، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، ط9، 1982، ص:115‏‎. ‎
‏32. عثمان بدري، وظيفة اللغة في الخطاب الروائي الواقعي عند نجيب محفوظ، دراسة ‏تطبيقية، موفم للنشر والتوزيع، الجزائر، (د،ط)، 2000، ص:29. ‏
‏33‏‎.joesp Besa camprubi:les fonctions du titre, P:08‎‏. ‏
‏34. بسام قطوس: سيمياء العنوان، ص:50. ‏
‏35‏‎.G.Genette.Seuils, P:‎‏ ‏‎83. ‎
‏36‏‎.joesp Besa camprubi:les fonction du titres, P:09. ‎
‏37‏‎. ibid ,p : 09.‎‏ ‏
‏38‏‎.G.Genette.Seuils, P:‎‏ ‏‎85. ‎
‏39‏‎. joesp Besa camprubi:les fonction du titres, P:13 ‎
‏40‏‎. G.Genette.Seuils, P:‎‏ ‏‎85. ‎
‏41‏‎. ibid , p : 89. ‎
‏42. ميشال بوتور: بحوث في الرواية الجديدة، ترجمة فريد انطونيوس، منشورات عويدات، ‏بيروت/باريس، ط3، 1986، ص: 112 ‏ ‏. ‏
‏43‏‎.joesp Besa camprubi:les fonction du titres, P:20.‎
‏44‏‎.G.Genette.Seuils, P:‎‏ 95‏‎.‎
‏45. رشيد بن مالك: السيميائية السردية، دراسات تطبيقية، مخطوط قيد الطبع، عمان، الأردن، ‏ص:57. ‏
‏46. في حوار مع الأستاذ الدكتور رشيد بن مالك، يوم الثلاثاء 31 أوت 2004 على الساعة ‏‏15:30 بمدينة برج بوعريريج. ‏
‏47. صلاح فضل، أساليب الشعرية المعاصرة، دار الآداب، بيروت، لبنان، ط1، 1995، ‏ص ص: 39-40. ‏
‏48. الطيب بودربالة: (قراءة في كتاب سيمياء العنوان للدكتور بسام قطوس) محاضرات ‏الملتقى الوطني الثاني، السيمياء والنص الأدبي، ص:26. ‏
‏49. بسام قطوس: سيمياء العنوان، ص52. ‏
‏50‏‎.josep Besa, camprubi, Les fonctions du titre, p : 09. ‎
‏51‏‎. Ibid, p :13. ‎
‏(**)- بلغ عدد الصحابة المهاجرين إلى الحبشة( رجالاً و نساءً وولداناً) ثلاثة و ثمانين ‏نفسًا، يترأّسهم عثمان بن مظعون (ينظر عبد السلام هارون، تهذيب سيرة ابن هشام، شركة ‏المجمع العلمي العربي الإسلامي، منشورات محمد الداية، بيروت، لبنان/ شركة الشهاب، ‏الجزائر، ط1، 1953، ص: 82). ‏
‏52‏‎. josep Besa, camprubi, Les fonctions du titre, p : ‎‏09‏‎. ‎
‏53. بسام قطوس: سيمياء العنوان، ص: 49. ‏
‏54‏‎.G. Genette, Seuills, p : 95. ‎
‏55‏‎. josep Besa, camprubi, Les fonctions du titre, p :12 ‎
‏56. التوبـة/ 36. ‏
‏57. الأحـزاب/ 22. ‏
‏58. جميل حمداوي: (السيميوطيقا و العنونة)، مجلة عالم الفكر، ص: 100. ‏
‏59‏‎. josep Besa, camprubi, Les fonctions du titre, p: 20. ‎
‏60‏‎. Ibid, p :25.‎‏ ‏
‏61. بسام قطوس: سيمياء العنوان، ص: 60. ‏
‏62. المرجع نفسه، الصفحة نفسها. ‏
‏63‏‎. josep Besa, camprubi, Les fonctions du titre, p: 25 ‎‏ ‏‎ ‎
‏64. حافيظ اسماعيلي علوي، اللسانيات في الثقافة العربية و إشكالات التلقي( اللسانيات ‏التمهيدية نموذجًا) ينظر الموقع: ‏
www. FiKrwanakd. Aljabribed. Com/ n 58- 09 hafidi. Htm‎‏ ‏
‏65. بسام قطوس: سيمياء العنوان، ص: 49. ‏
‏66‏‎. josep Besa camprubi, Les fonctions du titre, p‏: ‏‎ 24. ‎
‏67. بسام قطوس: المرجع السابق، ص: 52.‏‎ ‎
Comment citer
رحيم, عبد القادر ‏. وظائف العنوان في شعر مصطفى محمد الغماري ‏. مجلة المخبر أبحاث في اللغة والأدب الجزائري, [S.l.], n. 04, avr. 2017. ISSN 1112-6280. Disponible à l'adresse : >https://revues.univ-biskra.dz/index.php/lab/article/view/2063>. Date de consultation : 22 déc. 2024
Rubrique
Articles