إستراتيجية أفق الانتظار وآلية بناء المعنى في قصيدة "بلقيس"

  • حفيظة زين

Résumé

أفق الانتظار(*)(Horizon d’attente)  :

يعتبر هذا المفهوم أهم مفهوم إجرائي ويسمى أيضا أفق التوقع وقد وظفه "ياوس" لتوضيح نموذجه الجديد في دراسة الأعمال الأدبية، ودور تجربة القارئ في فهم الأعمال الأدبية وتطورها، ولن نستطيع إعطاء تعريف مدقق للمصطلح، كون "ياوس" لم يحدده بدقة، وكتعريف أولي "هو نظام التبادل الذاتي أو بناء التوقعات (كنظام مرجعي) أو نظام ذهني، حيث تصح افترضات الفرد في أي نص" إذن أفق الانتظار ببساطة هو ذلك الافتراض الأولي الذي ينطلق منه القارئ ظانا أنه سيصل إليه عند إنهاء قراءته للعمل الأدبي الذي بين يديه، مستقيا إياه من تجاربه الماضية، لذا كان "أفق الانتظار" النقطة الأساسية في نظرية "ياوس" وتاريخ تلقيات النص (الماضية والحاضرة). ومن هنا قام "أفق الانتظار" على ثلاثة عوامل أساسية هي(1):

- التجربة القبلية التي يملكها الجمهور عن الجنس الأدبي الذي ينتمي إليه النص.

- شكل الأعمال السابقة وموضوعاتها والتي يفترض العمل الجديد معرفتها، أي القدرة التناصية وعلاقة هذا العمل بغيره من الأعمال.

- المقابلة بين اللغة الشعرية واللغة اليومية أي بين العالم التخيلي والواقعية اليومية، حيث يكون القارئ افتراضات وأفق انتظار خاص به منطلقا من تجارب واقعية.

ولا يمكننا الحديث عن "أفق الانتظار" إلا باستحضار خبرة القارئ الأدبية، التي تمكنه من بناء افتراض سابق ينتظر تحققه في العمل الأدبي الذي سيلتقيه أثناء القراءة، حيث لا يمكن أن تكون قراءة ما هي القراءة الأولى ولا قراءة وليدة لحظة تفاعل مع النص، فكل قارئ يقبل على النص وهو محمل بأفكار وأحكام يطرق بها باب هذا العمل، فالجمهور القارئ مهيأ من قبل من خلال مرجعيات تاريخية وثقافية واجتماعية يعيشها في حياته اليومية، فيحمل المتلقي توقعا يجعله في حالة انفعال وإقبال على العمل الأدبي، مما يجعل هذا التوقع ينتهي إلى مصير لا يتحدد إلا بتفاعل القارئ والنص وبداية عملية القراءة، فقد يحتفظ بهذا التوقع، كأن يقرأ قارئ عربي قصيدة من الأدب الجاهلي -ولأنه يعرف مسبقا ما تحتويه من (أغراض، وأوزان وإيقاعات محتملة لها)- يكون محضرا من كل النواحي لقراءتها، ويحافظ بذلك على توقعاته نتيجة الخبرة الواسعة له بهذا الجنس الأدبي، إلاَّ أن هذه الحالة قد تحدث في المتلقي مللا وسأما نتيجة الركود والتكرارية التي تؤدي إلى الميكانيكية في إنتاج المعنى والفهم والنشاط التأويلي للنص، مما يقتل الروح الإبداعية عند القارئ ما دام العمل الأدبي يحتكم إلى نموذج كلاسيكي وتكرار تجارب متوقعة يفصل بينها الزمن فقط. وعلى النقيض من ذلك قد يصطدم القارئ بنص يجبره على إعادة توجيه الأفق المبني، أو إلغائه نهائيا وانقطاعه؛ نتيجة عدم توافق أفق القارئ مع أفق النص.

Références

- مجموعة من المؤلفين: بحوث في القراءة، تر: محمد خير البقاعي، ط1، مركز الإنماء الحضاري حلب، 1988،ص35.
2- حميد لحميداني: في تلقي القصة القصيرة، مجلة البيان، رابطة الأدباء، الكويت، ع 392، فبراير الكويت، 2003. ص 10.
3- شاكر عبد الحميد: التفضيل الجمالي، دراسة في سيكولوجية التذوق الفني، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 2001، ص 350.
- لم يكن "ياوس" أول من استعمل المصطلح، بل استعمله قبله الكثير من الفلاسفة؛ فاستخدم "جادمير" مصطلح "أفق" للإشارة إلى "مدى رؤية الأشياء"، كذلك هوسرل وهيدجر وقدما الفكرة نفسها –كما استعمله كل من "كارل بوبر" و"كارل مانهايم" قبل ياوس– وبصفة عامة انتشر المصطلح في الفلسفة الظاهرية وتاريخ الفن. أنظر، بروبرت هوليب: نظرية الاستقبال، ص 76.
 - ربما لن تكون هذه الافتراضات والخيارات هي كل ما يتصوره القراء باختلاف ظروفهم المكانية والزمانية، إلا أنني سأحاول تغطية أهم الاختيارات والاحتمالات، رغم أن غرضي ليس احتواء كل الاختيارات وإنما أخذ عينة للوقوف على آلية إنتاج المعنى من طرف القارئ، وكيفية توظيف للموجهات النصية.
4- حميد لحميداني: في تلقي القصة القصيرة، ص 10.
5- سأختار نموذجا واحدا فقط كي لا تكون الدراسة طويلة. أما عن الاطلاع عن المقاطع كاملة يمكن الرجوع إلى القصيدة.
6- سعيد توفيق: الخبرة الجمالية، دراسة في فلسفة الجمال الظاهراتية، دار الثقافة للنشر والتوزيع القاهرة، 2001. ص 312.
7-نزار قباني: الأعمال الكاملة،ج4، منشورات نزار قباني، بيروت، لبنان، ط2، أغسطس 1998،ص60.
8- المرجع نفسه.
9- المرجع نفسه.
10- المرجع نفسه.
11 - المرجع نفسه.
12- المرجع نفسه.
13- المرجع نفسه.
14- المرجع نفسه.
15- المرجع نفسه.
16- المرجع نفسه.
17- المرجع نفسه.
18- المرجع نفسه.
19- المرجع نفسه.
20- المرجع نفسه.
21- المرجع نفسه.
22- سعيد توفيق: الخبرة الجمالية، ص317 .
23- أنظر: صلاح فضل: إنتاج الدلالة الأدبية، ط1، مؤسسة مختار للنشر والتوزيع، القاهرة، 1987، ص 155.
24- تعتبر هذه الفكرة رئيسة عند نزار قباني في قصيدته "بلقيس" حيث تكررت كثيرا من بداية إلى نهايتها.
25- نزار قباني: الأعمال الكاملة.
Comment citer
زين, حفيظة. إستراتيجية أفق الانتظار وآلية بناء المعنى في قصيدة "بلقيس". قــــــراءات, [S.l.], v. 2, jui. 2010. ISSN 1112-9468. Disponible à l'adresse : >https://revues.univ-biskra.dz/index.php/lectures/article/view/1245>. Date de consultation : 22 déc. 2024