رواية "البطل" من سيرة الذات إلى توقيع هويّة النصّ
Résumé
تتفرّد رواية "ألف وعام من الحنين"(1)، على ساحة الرواية العربيّة، كمبدإٍ عامٍ، أي فترة إصدارها في بداية الثمانينات، بشكلٍ روائيٍّ بالغ الحداثة والتّعقيد؛ إذ تُحاول، بجديّة مُلْفِتة، البحث عن أشكالٍ جديدة تُكَمِّلُ التجربة النصيّة لديها، وتُمَكِّنُها من تجاوز الجاهز والمألوف، بالسُّرعة المُذهلة نفسها، التي تتغيّر بها وتتبدّل جميع المُعطيات المُحيطة بالنصّ سياسيًّا، واجتماعيًّا، وكذلك، على المستويين المحلِّيّ والعالميّ، ومردُّ التعقيد في "ألف وعام من الحنين" هو "رُؤْيَا النص" التي تُهيمن على تنامي خطّ سَرْدِ الرواية بحيث يَبْدو العالم الروائيّ وكأنّه مشدودٌ إلى فعاليّةٍ خفيّةٍ تُدَارُ وفق خُطّةٍ مرسومةٍ اِصطُلِح عليها بمُسمَّى: "الفضاء الروائيّ" أو "منظور الرُّؤيا"(2).
ويَرْتكِز فضاء الرواية في "ألف وعام من الحنين" على مجموعة من الحقائق المعرفيّة التي اِستدعاها النّص، في أكثر من حقلٍ معرفيٍّ ثابتٍ، يَبْدُو منذ الوهلة الأولى، أنّ إمكانيّة الجمع بينها أمْرٌ عسيرٌ، نظرًا لاختلاف المرجعيّات في كلٍّ منها، ووسائل تَحَقُّق هذه المرجعيّات على المستوى الإجرائي، فالأول، وهو التاريخ، بوصفه علمًا يقوم على المعرفة التَّسجيليّة المُباشرة للأحداث، بما لا يترك مجالاً للظنّ أو التّخمين، أو حتّى التّدخل بأحكامٍ قيميّةٍ إلاّ في أضيق الحدود، والثاني، وهو التجربة الصوفيّة، بوصفها تجربة وجدانيّة تقوم على الحدس وتتأتّى للمريد بالرياضات الروحيّة، والمُجاهدات النفسيّة، ولا تحصُل إلاّ عن طريق الفُيوضِ وإشراقات القلب والوِجْدَانِ، لأنّها ببساطة: "حالة من الشعور[...]لا يُمْكِنُ الإفصاح عنها، أي لا يُمْكِنُ التّعبير عنها في اللغة الإنسانية العادية"(3) بمعنى أنّ إمكانيّة إخضاع هذه التجربة للاختبار والتجريب أمْرٌ غير وارد.
Références
2) ـ يُنظر، حميد الحمداني: بنية النصّ السردي من منظور النقد الأدبي، المركز الثقافي العربي للطباعة والتوزيع، الدار البيضاء، ط1، 1991م، ص29.
3) ـ عبد الخالق محمود: شعر ابن الفارض، دار المعارف، القاهرة ـ مصر، ط3، 1988م، ص70.
Roland Barthe: l'effet du réel, littérature et réalité, Ed du seuil, - Voir;(4
Paris, 1982, p81.
5) ـ عبد الكبير الخطيبي، ومجموعة من المؤلفين: الرواية العربية واقع وآفاق، دار ابن رشد للطباعة والنشر، بيروت ـ لبنان، ط1، 1981م، ص109.
6) ـ محمد مفتاح: ديناميّة النص (تنظير وإنجاز)، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء ـ المغرب، ط2، 1990م، ص72.
7) ـ المرجع نفسه، والصفحة.
8) ـ يُنظر، ابن هشام: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، تحقيق ودراسة: مجدي فتحي السيّد، دار الصحابة للتراث للنشر والتحقيق والتوزيع، طنطا ـ مصر، ط1، 1416هـ ـ 1995م، 2/ 400 ـ 405.
9) ـ يُنظر، ألف ليلة وليلة، المطبعة الكاثوليكية، بيروت ـ لبنان، (د.ط)، 1889م.
10) - Voir, Kateb Yacine: L'homme aux sandales de caoutchouc, Ed du seuil, paris, 1970.
11) – Voir, Gabriel Garcia Marquez: Cent ans de solitude, trad. Claude, et Carmen Durand, Ed du seuil, paris, 1968.
12) ـ سورة السجدة، الآية: 5.
13) ـ رشيد بوجدرة: المصدر السابق، ص306.
14) ـ يُنظر، يمنى العيد: تقنيّات السّرد الروائيّ في ضوء المنهج البنيويّ، دار الفارابي، بيروت ـ لبنان، ط1، 1990م، ص65.
15) ـ رشيد بوجدرة: المصدر السابق، ص227.
16) ـ المصدر نفسه، ص182.
17) ـ "يانوس": شخصيّة خرافيّة في الميثولوجيا الإغريقيّة والرومانيّة، وهو ذو وجهين يُعَبِّران عن القدرة على رؤية المستقبل في الوقت نفسه. وكان الرومان يغلقون معبده في زمن السلم ويفتحونه في زمن الحرب. ينظر،ز.ل.ليفين: الفكر الاجتماعي والسياسي الحديث [ في لبنان وسوريا ومصر]، ترجمة: بشير السباعي، دار ابن خلدون، بيروت ـ لبنان،(د.ط)، (د.ت)، ص42.
8) ـ رشيد بوجدرة: المصدر السابق، ص195.
19) ـ المصدر نفسه، ص241.
20) - Voir; Jacques Derrida: De la grammatologie, minuit, paris, 1969, p383.
21) ـ رشيد بوجدرة: المصدر السابق، ص20.
22) ـ يستمدّ الكرونوتوب، أو تداخل الزمان والمكان، أساسه النظريّ من التصور الذي مهّد له باختين، حيث يرى أنّه: "مجموعة خصائص الزمان والفضاء داخل كلّ شكل سرديّ على حدة، غير أنّ خصائص الكرونوتوب في الفانتازيا تُصبح ذات أبعاد تتغاير وتختلف عن غيرها من الخطابات النوعيّة والسرديّة الأخرى، حيث يتداخل البُعدان معًا ويُصبحان في حالة ذَوَبَانٍ دَائِمٍ يَخْلَع صفات الزمان على المكان وبالعكس، لكي تَغْدو إمكانيّة التعرف على أيٍّ منها مُنْفصلاً بالمعنى التقليديّ، غير مُمْكِنة أو واردة." يُنظر، ثناء أنس الوجود: قراءات في القصة المعاصرة، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة ـ مصر، (د.ط)، 2000م، ص74.
23) - Voir; Jacques Derrida: La dissémination, Ed du seuil, paris, 1972, p303.
24) ـ يُنظر، ميجان الرويلي، وسعد البازعي: دليل الناقد الأدبيّ، إضاءة لأكثر من سبعين تيّارًا ومُصطلحًا نقديًّا مُعاصرًا، المركز الثقافيّ العربيّ، الدار البيضاء ـ المغرب، ط3، 2002م، ص122.
25) - Jacques Derrida: la voix et le phénomène, PUF, France, 1967, p98.
26) ـ عبد الحميد زوزو: تاريخ أوروبا والولايات المتحدة(1914 ـ 1945)، محاضرات ونصوص، ديوان
المطبوعات الجامعيّة، الجزائر، (د.ط)، 1996م، ص168.
27) ـ المرجع نفسه، والصفحة.
28) ـ نُحِتَ حضور الجزائر جُغرافيًّا عبر التاريخ، لكنّه تقرّر بصفةٍ تقترب من الوحدة؛ المكانيّة والجنسيّة واللسانيّة والتاريخيّة، في الحقبة التركيّة. يُنظر، مبارك بن محمّد الميليّ: تاريخ الجزائر في القديم والحديث، تقديم وتصحيح: محمّد الميليّ، مكتبة النهضة الجزائريّة، الجزائر، (د.ط)، 2004م، 1/ 45، 46، 47.
ـ هذا يعني أنّ تأكُّد حضور الجزائر بالصّفة التي نعرفها اليوم معطىً استعماريًّا على وجه التّحديد.
29) - Voir; Jacques Derrida: positions, minuit, paris, 1972, p43.
30) ـ رشيد بوجدرة: المصدر السابق، ص6.
31) ـ المصدر نفسه، ص165.
32) ـ المصدر نفسه، ص164.
33) – Pierre Zima: La déconstruction, une critique, PUF, Paris, 1994, p6.
34) ـ رشيد بوجدرة: المصدر السابق، ص171، 172.
35) ـ المصدر نفسه، ص171.
36) ـ المصدر نفسه، ص172.
37) ـ الجينيالوجيا ـ La généalogie، هي: "سلسلة الأجداد لشخص، أو عائلة ما ـ نظام موضوعه البحث في الأصل وتسلسل العائلات." يُنظر، المُعجم الفرنسيّ:
- Petit Larousse illustré 1984, librairie Larousse, Paris VIe, 1980, (Générique), p451.
ـ بخصوص المصطلحين: (الجينيالوجيا الضائعة) و(اليتم). يُنظر، أحمد يوسف: الشّعر الجزائريّ المُختلف نصّ ما بعد الحداثة(اليُتْم والجينيالوجيا الضائعة)، مجلة كتابات معاصرة، مجلد 8، عدد 30 مارس 1997م، بيروت ـ لبنان، ص118.
38) ـ عبد الرحمن تبرماسين: البنية الإيقاعيّة للقصيدة المعاصرة في الجزائر، دار الفجر للنشر والتوزيع، القاهرة ـ مصر، ط1، 2003م، ص5.