قاع المدينة والجدل السياسي والاجتماعي " الباب الخلفي لمدينة النسيان والدهشة " 1 أنموذجا
Résumé
الملخص
هذا العمل هو بحث في خصائص المكان الذي يعدّ عنصرا أساسيّا من العناصر المكوّنة للعالم الروائي، ومقوّما من أهمّ المقوّمات التي ينهض عليها القص. إذ "لا يخلو عمل روائيّ من تحديد للمكان باعتباره وعاء للحدث وللشخصيّة أو إطارا لهما ولغيرهما من عناصر القص"1. ولذلك سنحاول البحث في خصوصيّات المكان من خلال علاقته بالشخصيّات؛ تلك العلاقة التي تعتبر المفتاح الذي يمكّننا من فتح مغالق النصّ والكشف عن رؤية الكاتب ومقاصده.
وقد آثرنا دراسة نوع خاصّ من الأمكنة التي تؤكّد هذه الوظيفة ونعني هنا "القاع" في علاقته بالمدينة. وهي علاقة تقوم أساسا على التناقض والصراع، نظرا إلى المكانة المركزيّة التي تحظى بها المدينة على حساب القاع والهامش. وقد تكتسب هذه المدينة ملامحها من سلوك سكانها والوافدين عليها الذين غالبا ما يواجهون برفض المدينة لهم، فكان هذا الرفض الأرضيّة الملائمة لنشأة القاع.
وقد يتخذ القاع أشكالا مختلفة، إذ يمكن أن ينشأ في قلب المدينة ذاتها أو في أطرافها "وقد يتخلّل القاع إحدى المدن فيندسّ في دروبها الملتوية وأزقّتها الضيقة ويدمج فيها ويصبح واحدا من مكوّناتها الأساسيّة"2. ولذلك يعدّ القاع فضاء رمزيّا يكشف عن أسرار المدينة ويفضح مواقف الكاتب السياسية منها والاجتماعية. وسنحاول البحث عن دلالات هذا القاع في
رواية "الباب الخلفي لمدينة النسيان والدهشة" للروائي التونسي محمد حيزي الذي حاول من خلال هذه الرواية تأكيد العلاقة الجدليّة بين البنية الاجتماعيّة والسلطة السياسيّة، من خلال التركيز على المكان المنتظم لشبكة العلاقات بين الشخصيّات وتحكّمه في الأحداث. وتبعا لذلك رأينا أن نقسّم هذا العمل إلى محورين اثنين .سنحاول في المحور الأول الموسوم ب"القاع والبنية الاجتماعيّة، التركيز على العوامل الاجتماعيّة ودورها في نشأة القاع. أمّا المحور الثاني " القاع والواقع السياسي" سنكشف من خلاله العوامل غير المباشرة والكامنة وراء أزمة الشخصيّات. فكيف تبلورت هذه العلاقات في رواية الباب الخلفي لمدينة النسيان والدهشة؟