الإسلاموفوبيا: إشكالية "الخوف المتقابل" بين الغرب والإسلام
Résumé
سَعى "الغَرَب الاستعمَاري"1 إلى تَصعيَّد حدِة الكَرّاهية للإسّلام وإطلاق حملة مشروع التخوّف من الإسلام والترّويج له دعائياً بُغية البحث عن حجج ومبررات لغرض تحقيق مشروعه السياسي (الكولونيالي) من خلال التوّغل في العمق الإسلامي، فسياسات الاستعمار القديمة لم تعد ملائمة للمرحلة الراهنة لنفاذ صلاحيتها في ظل التقادم الزمني والتطورات الميدانية الحاصلة في العالم أجمع؛ إذ عمل على تضليل الحقائق التاريخية لغرض تشوّيه صُورة الإسلام وإظهاره مظهر البالي والقديم والمتخلف العاجز عن مواكبة الحداثة والاندماج في العولمة مُنطلقين من تصورات إنْ الإسلام دين عنيف أنتشر بالسيَّف والرصّاص، وقائم على القتل والإرهاب تحت عنوان "الجهاد" فلم يتوانى من إطلاق جُملة مفاهيم ومصطلحات أبرزها التهديد الإسلامي، الفاشية الإسلامية، الخطر الأخضر، الإسلام الرّاديكالي، الإسلاموفوبيا (أو التخوف من الإسلام).
وقد أكتسب مفهوم الإسلاموفوبيا شهرة أوسع وسجل حضوراً مُلفتاً في الأدبيات السياسية الغربية حتى أصبح عنواناً بارزاً يتصدر البحوث والكتب وورش العمل البحثية والصُحف والمجلات، تزامن صعوده بُعيد تفجر برجي التجارة العالمية في 11/ايلول/ 2001 أو ما سُمي بـ "غزوة مانهاتن" الحدث الذي أعطاه زخماً قوياً وَصُعوداً سياسياً أثر بشكل واسع على العلاقات الاجتماعية والسياسية بين الغرب والأخر، وبين الغرب في داخله في التعامل مع "الإسلام الأقلي" المسلمون في الغرب (أو الأقليات الإسلامية)؛ ذلك لاعتقاد الغرب بأنْ الإرهابيون يمثلون الإسلام - لا أنْ يمثلون جماعة من المسلمين -، فيما ظهرت محاولات ربط الإرهاب بالإسلام واعتبار كُل فعل مُخل بالأخلاق هو بالضرورة إسلامي أو من الإسلام، وهو أمر قائم على رؤيتين:-
الأولى: محاولة الغرب الاستعماري البحث عن عدو افتراضي لتبرير حروبه وشن هجماته على الشرق والعالم الإسلامي الغني بالثروات والموقع الجيبوليتكي أولاً، ولأنْ أمريكا دولة غاصبة فهي لا تستطيع العيش بدون محيط من الازمات والحروب.
الثانية: إن من يقف وراء هذه الحملة العدائية هم الصهيونية والمحافظين الجُدد (المسيح المتصهينين)، أبرزهم المستشرق اليهودي "صموئيل هنتنغتون" صاحب كتاب (صدام الحضارات) الذي ابتكر الإسلام كعدو مفترض وكخطر أخضر، والمستشرق اليهودي الأخر برنارد لويس صاحب مُخطط تقسيم دويلات الشرق إلى مقاطعات و"جيتوات" طائفية مُغلقة وهؤلاء يكنْون بعدائهم التاريخي للإسلام ويضعون الصراع العربي - الصهيوني2 في مقدمة حساباتهم لاعتقادهم أنهُ البديل القادر على إنقاذ البشرية فيما لو أنتشر كإسلام معتدل ومتسامح كطبيعتهِ؛ وبالتالي أصبحت الإسلاموفوبيا الخطر الداهم الجديد الذي يُهدد الإسلام ويزيد من الكراهية للمسلمين؛ مع رد فعل مُتقابلة.
1 - استعمل هذا المفهوم لتمييزهم وإفرادهم عن عامة الغرب الداعين للسلام والتصالح والتعاون والدعوة لأحترام حقوق وحريات الأخرين في طروحاتهم وسلوكياتهم عامة.
2 - اعتمادنا كلمة "صهيونية" بدل كلمة "إسرائيل"، باعتبارنا مسلمين وعرب لم نطبع علاقتنا مع غاصبي أرضنا، ونرفض الاعتراف بهم كدولة، فقولة "إسرائيل" وإطلاقها عليهم بحد ذاتها هي اعتراف لغوي منا بوجودهم وهويتهم وكيانهم داخل أقبية فلسطين المحتلة وأرض العرب.